خطبة الجمعة القادمة: عناية الإسلام بالصحة والنظافة ، 13 مارس 2020 للدكتور خالد بدير
خطبة الجمعة
خطبة الجمعة القادمة 13 مارس 2020 للدكتور خالد بدير : عناية الإسلام بالصحة والنظافة ، بتاريخ: 18 رجب 1441هـ – 13 مارس 2020م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير : عناية الإسلام بالصحة والنظافة:
لتحميل خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير : عناية الإسلام بالصحة والنظافة ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير : عناية الإسلام بالصحة والنظافة ، بصيغة pdf أضغط هنا.
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
للمزيد علي قسم خطبة الجمعة القادمة
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير : عناية الإسلام بالصحة والنظافة : كما يلي:
عناصر خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير : عناية الإسلام بالصحة والنظافة :
العنصر الأول: اهتمام الإسلام بصحة الإنسان والأمر بالتداوي
العنصر الثاني: مظاهر عناية الإسلام بالصحة والنظافة
العنصر الثالث: وجوب شكر نعمة الصحة
المقدمة: أما بعد:
العنصر الأول: اهتمام الإسلام بصحة الإنسان والأمر بالتداوي
لقد اهتم الإسلام اهتماما كبيرا بصحة الإنسان؛ لأن الإسلام يهدف إلى أن يرى أتباعه أصحاء أقوياء؛ لأن الصحة والقوة والسلامة من الأمراض مناط التكليف وتولي الأمور الشاقة في الدين والدنيا؛ وهذا الذي دفع المرأتين إلى اختيار موسى عليه السلام في طلب النكاح:
{قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ}(القصص: 26)؛ وقد أخذ العلماء ـ رحمهم الله ـ هذه الآية مأخذ القاعدة فيمن يلي أمراً من الأمور، وأن الأحق به هو من توفرت فيه هاتان الصفتان، وكلما كانت المهمة والمسؤولية أعظم، كان التشدد في تحقق هاتين الصفتين أكثر وأكبر؛ وهذه القوة بها ينال العبد محبة الله تعالى؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ؛ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ”( مسلم)
أيها المسلمون: ولشدة اهتمام الإسلام بصحة الإنسان والحفاظ عليها ورعايتها؛ أمرنا بالتداوي والأخذ بالأسباب؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً” (البخاري)؛ وعَنْ جَابِرٍ؛ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:” لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ؛ فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.” ( مسلم)؛ قال الإمام النووي – رحمه الله-:
” هذا فيه بيان واضح ، لأنه قد علم أن الأطباء يقولون : المرض هو خروج الجسم عن المجرى الطبيعي ، والمداواة رده إليه ، وحفظ الصحة بقاؤه عليه ، فحفظها يكون بإصلاح الأغذية وغيرها ، ورده يكون بالموافق من الأدوية المضادة للمرض ، ……قلت : لكل داء دواء ، ونحن نجد كثيرين من المرضى يداوون فلا يبرءون ، فقال: إنما ذلك لفقد العلم بحقيقة المداواة ، لا لفقد الدواء ، وهذا واضح . والله أعلم .”أ.ه
فالأمراض المزمنة والأمراض التي لم يستكشف الأطباء لها علاجاً حتى الآن:
ليس نقصا في الدواء أو خاماته وإنما هو عدم وصول العلم الحديث إلى استكشاف هذه الأدوية ؛ وهذا ما أشار إليه الإمام النووي رحمه الله.
فالأمر بالتداوي مطلوب؛ وكل داء له دواء إلا الهرم والموت؛ ويحضرني في ذلك قصة جميلة لأمير المؤمنين هارون الرشيد رحمه الله؛ لما مَرِضَ مَرَضَ الموت واشتد به مرضه الذي مات به؛ عُرض بوله على الطبيب وهو لا يدري أنه للرشيد. فقال الطبيب: إن صاحب هذا البول ميئوس منه. وبلغ ذلك الرشيد فأنشد وهو في المرض:
إن الطــــــــبيب له علم يــــدل به****** مـــــادام في أجـــــل الإنسان تأخير
حتى إذا ما انقضى أيام مهلته***** حار الطبيب وخانته العقاقير
فالطبيب والدواء ينفع مادام في أجل الإنسان متسع؛ أما حين يأتي الأجل فلا يملك أطباء العالم كله من الأمر شيئاً !!!
أيها المسلمون عباد الله: إذا كان الله أمرنا بالتداوي والأخذ بالأسباب فعلينا أن نذهب إلى أهل الذكر المتخصصين في ذلك وهم الأطباء؛ قال تعالى: { فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (النحل: 43)؛ لأن التشخيص الدقيق للمرض ووضع العلاج الناجح له يكون سببا لمماثلة الشفاء؛ والعكس!! وهذا هو المراد من قوله صلى الله عليه وسلم :” فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.” وبمفهوم المخالفة: إذا لم يصب دواء الداء لم يبرأ ؛ وذلك لأن التشخيص والعلاج جاء في غير موضعه ؛ فهو لم يتماثل الشفاء ولربما ازداد مرضا وهلاكا !!
ويحضرني في ذلك قصة الصحابي الذي مات بجرحه حينما أفتاه الصحابة بالاغتسال!!
فعن جابر – رضي الله عنه- قال:”خرجنا في سفرٍ فأصابَ رجلا منا حجرٌ ، فشجّهُ في رأسهِ ، ثم احتلمَ ، فسألَ أصحابه : هل تجدونَ في رخصةٍ في التيممِ ؟ قالوا : ما نجدُ لك رخصةً وأنت تقدرُ على الماءِ . فاغتسلَ فماتَ ، فلما قدمنا على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أُخبر بذلكَ ، فقال : قتلوهُ قتلهُم اللهُ ! ألا سأَلوا إذا لم يعلموا ، فإنما شفاءُ العيّ السؤالُ ، إنما كان يكفيهِ أن يتيممَ ويعصرَ أو يعصبَ على جرحهِ ، ثم يمسحُ عليهِ ، ويغسلَ سائرَ جسدهِ .”(أبوداود والبيهقي)؛ فلما جاء التشخيص خطأً أدى ذلك إلى هلاك الرجل وموته!! فلابد من الرجوع إلى أهل الذكر والتخصص في كل مجال؛ واعملوا فكلٌ ميسرٌ لما خلق له!!
العنصر الثاني: مظاهر عناية الإسلام بالصحة والنظافة
أيها المسلمون: إن الإسلام في جميع أوامره ونواهيه يراعي جلب المصالح التي تعتني بصحة الإنسان وقوته؛ ودرء المفاسد التي تؤدي إلى ضعف الصحة البدنية أو هلاكها . وإنني في هذا العنصر أقف مع هذين القسمين: المصالح وتتمثل في المأمورات ؛ والمفاسد وتتمثل في المنهيات؛ وكل هذا شرع من أجل الحفاظ والعناية بصحة الإنسان.
القسم الأول: المأمورات : فتظهر عناية الإسلام بصحة الإنسان والحفاظ عليها في عدة أمور منها:
نظافة الأسنان والفم: فحثنا على استخدام الفرشاة أو السواك، طهارةً لنا ووقاية من الأمراض وإحياءً لسنة نبينا صلى الله عليه وسلم، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم :” لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي ، لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلاَةٍ.” ( الشيخان ) ، وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ” تَسَوَّكُوا ؛ فَإِنَّ السِّوَاكَ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ ، مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ ، وَمَا جَاءَنِي جِبْرِيلُ إِلاَّ أَوْصَانِي بِالسِّوَاكِ ، حَتَّى لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيَّ وَعَلَى أُمَّتِي ، وَلَوْلاَ أَنِّي أَخَافُ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي ، لَفَرَضْتُهُ لَهُمْ ، وَإِنِّي لأَسْتَاكُ , حَتَّى لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ أُحْفِيَ مَقَادِمَ فَمِي.” ( سنن ابن ماجه ).
ومنها: نظافة الرأس:
وذلك بغسله وتمشيط الشعر وقصه وحلقه، كل ذلك يضفي على المؤمن حسن الشكل والمظهر، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ” مَنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ فَلْيُكْرِمْهُ ” (أبو داود ).
ومنها: نظافة البيوت والأفنية والمساجد ونظافة الأماكن العامة: فلا بد من تنظيفها من كل الأقذار والأخباث التي يسوء منظرها، ويضر مخبرها؛ وتنتشر بسببها الأمراض!! فعن سعيد بنِ المُسَيَّبِ مرسلاً قال: صلى الله عليه وسلم “إنَّ اللهَ طَيِّبٌ يُحِبُّ الطَّيِّبَ ، نظيفٌ يُحِبُّ النظافةَ ، كريمٌ يُحِبُّ الكرمَ ، جَوادٌ يُحِبُّ الجُودَ ؛ فنَظِّفُوا أَفْنِيَتَكم ؛ ولا تَشَبَّهوا باليهودِ.”(الترمذي)
ومنها: نظافة الثياب: وذلك بغسلها والاهتمام بالطيب والتعطر بالروائح العطرة، مما يضفي على الشخص جمالاً، ففي صحيح مسلم قَالَ صلى الله عليه وسلم: « إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ »
ومنها: النظافة من الحيض: فأُمرت المرأة أن تغتسل بعد الحيض أو الاستحاضة أو النفاس؛ وأن تنظف مكان الدم وتطيبه بالمسك؛ وقاية من انتشار الأمراض؛ فَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ غُسْلِهَا مِنْ الْمَحِيضِ فَأَمَرَهَا كَيْفَ تَغْتَسِلُ قَالَ ” خُذِي فِرْصَةً مِنْ مَسْكٍ فَتَطَهَّرِي بِهَا، قَالَتْ كَيْفَ أَتَطَهَّرُ؟ قَالَ: تَطَهَّرِي بِهَا، قَالَتْ كَيْفَ؟ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ؟!! تَطَهَّرِي، فَاجْتَبَذْتُهَا إِلَيَّ فَقُلْتُ: تَتَبَّعِي بِهَا أَثَرَ الدَّمِ” ( الشيخان )
ومنها: نظافة البدن وغسله:
وفي نظافة البدن أُمِر المسلم بغسله يوم الجمعة، حتى عُبر عنه في بعض الأحاديث بلفظة (واجب)، فَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ” قَالَ غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ” ( الشيخان )، ويتأكد ذلك إذا وجدت أسبابه من العرق والوسخ ونحوه، حتى لا يكون مصدر إيذاء لمن يخالطه.
ومنها: الاهتمام بسنن الفطرة: وتكميلاً لذلك جاءت الأحاديث بما عرف باسم (سنن الفطرة) التي تدل رعايتها على مدى حرص الإنسان على النظافة والتجمل، والمحافظة على نعمة الصحة والزينة، فَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ” عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ : قَصُّ الشَّارِبِ ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ ، وَالسِّوَاكُ ، وَالاِسْتِنْشَاقُ بِالْمَاءِ ، وَقَصُّ الأَظْفَارِ ، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ ، وَنَتْفُ الإِبْطِ ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ ، وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ ، يَعْنِي الاِسْتِنْجَاءَ. قَالَ زَكَرِيَّا : قَالَ مُصْعَبٌ : وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ ، إِلاَّ أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَةَ.”( مسلم )
ومنها: نظافة الطريق:
وذلك بإماطة الأذي عنها، وعدم إلقاء القاذورات في الشوارع والطرقات، لأن ذلك سبب انتشار كثير من الأمراض؛ وقد عد الإسلام ذلك شعبة من شعب الإيمان، فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ – أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ – شُعْبَةً , فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ , وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ , وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ ) ( متفق عليه) .
ومنها: نظافة الطعام والشراب: فقد حثت السنة على العناية بالطعام والشراب، وحمايتهما من أسباب التلوث، الذي يؤدي إلى نقل كثير من الأمراض؛ فَعَنْ جَابِرٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:” أَغْلِقُوا أَبْوَابَكُمْ ، وَخَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ ، وَأَطْفِئُوا سُرُجَكُمْ ، وَأَوْكُوا أَسْقِيَتَكُمْ ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا ، وَلَا يَكْشِفُ غِطَاءً ، وَلَا يَحُلُّ وِكَاءً ، وَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ تُضْرِمُ الْبَيْتَ عَلَى أَهْلِهِ ” يَعْنِي: الْفَأْرَةَ .” (مسلم ).
وكذلكَ أمرَ بتغطيةِ آنيةِ الطعامِ والشرابِ خشيةَ أنْ يقعَ فيهَا مَا يسببُ الأمراضَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r :« غَطُّوا الإِنَاءَ وَأَوْكُوا السِّقَاءَ ، فَإِنَّ فِى السَّنَةِ لَيْلَةً يَنْزِلُ فِيهَا وَبَاءٌ ، لاَ يَمُرُّ بِإِنَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ غِطَاءٌ أَوْ سِقَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ وِكَاءٌ إِلاَّ نَزَلَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْوَبَاءِ»؛ (مسلم) .
ومنها: نظافة المياه:
وذلك بالمحافظة على تنقيتها وطهارتها، وعدم إلقاء القاذورات والمخلفات والبقايا فيها، باعتبار أن الماء أساس الحياة، وقد جاءت أوامره صلى الله عليه وسلم ناهية عن أن يُبال في الماء الراكد، فَعَنْ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :” أَنَّهُ نَهَى عَنْ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ” (مسلم) ، كما يشمل النهي البول في الماء الجاري وفي أماكن الظل باعتبارها أماكن يركن إليها المارة للراحة من وعثاء السفر، وعناء المسير، وربما لأن الشمس لا تدخلها فلا تتطهر فتصبح محط الأوبئة وموضع الأمراض، وفي الحديث:
” لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ الَّذِي لَا يَجْرِي ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ ” (متفق عليه). والعلة من ذلك حتى لا تنتشر الأمراض والجراثيم، وبهذا سبقت السنّة بالحث على حماية البيئة من التلوث، بل عُدَّ للمقصر في الطهارة عذابٌ أليم، فَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ مَرَّ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم عَلَى قَبْرَيْنِ فَقَالَ:”إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ أَمَّا هَذَا فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ وَأَمَّا هَذَا فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ”(متفق عليه) .
ومن مظاهر عناية الإسلام بصحة الإنسان رفقه بالمريض أثناء مرضه:
وحثه على ما يمنعُ من زيادة الألم وتأخر الشفاء، ولما كان القيام في الصلاة ركناً من أركانها، والركوع ركناً من أركانها، والسجودُ ركناً من أركانها، أسقط عن المريض كلاً من القيام أو الركوع أو السجود عند عجزه عنه، فَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – قَالَ: كَانَتْ بِي بَوَاسِيرُ ؛ فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الصَّلَاةِ؟ فَقَالَ: ” صَلِّ قَائِمًا؛ فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا؛ فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ.” (البخاري) ؛ وعَنْ أَنَسٍ قَالَ:
دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ وَحَبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَ سَارِيَتَيْنِ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: لِزَيْنَبَ تُصَلِّي فَإِذَا كَسِلَتْ أَوْ فَتَرَتْ أَمْسَكَتْ بِهِ. فَقَالَ: حُلُّوهُ ، لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ؛ فَإِذَا كَسِلَ أَوْ فَتَرَ قَعَدَ.” (متفق عليه)؛ كُلُ ذلك حفاظاً على صحة الإنسان!!
القسم الثاني: المنهيات: فقد نهى الإسلام عن كل ما يضر بصحة الإنسان بوجه عام:
فمن ذلك تحريم الخمر: قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }(90)؛ ولا يخفى على أدنى عاقل ما تحدثه المخدرات من أضرار جسيمة على صحة الفرد والمجتمع، وقد ذكر العلماء والباحثون قديماً وحديثاً أضراراً كثيرة لهذه المواد، بل أفردها بعضهم بالتصنيف . ولهذا قال ابن حجر الهيتمي -بعد أن ذكر الحشيشة والمخدرات-: ” وفي أكلها مائة وعشرون مضرة دينية ودنيوية “. ثم ذكر بعض مضارها ولا يتسع المقام لذكرها.
ومن مظاهر عناية الإسلام بصحة الإنسان: تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير لضررها البالغ على صحة الإنسان؛ قال تعالى:{قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنعام:145].؛ وقد أثبت العلم الحديث العلة من تحريم الميتة؛ وهي انحباس الدم وعدم خروجه مما يؤدي إلى انتشار الجراثيم والأمراض.
كما أن الخنزير يتولد من لحمه الذي يأكله الإنسان دودة خطيرة توجد بذرتها في لحم الخنزير، وتنشب في أمعاء الإنسان بصورة غير قابلة للعلاج بالأدوية الطاردة لديدان الأمعاء، بل تنشب تلك الدودة الخنزيرية ضمن عضلات الإنسان بصورة عجز الطب إلى اليوم عن تخليص الإنسان منها بعد إصابته بها، وهي خطر على حياته، وتسمى (تريشين) Treichine، ومن هنا ظهرت حكمة تحريم لحم الخنزير في الإسلام؛ ويكفي أن الله وصف كل ذلك بالرجس!!
ومن مظاهر عناية الإسلام بصحة الإنسان: النهي عن الإسراف في الأكل والشبع المفرط:
يقول الله عز وجل: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ } (الأعراف: 31) . قال القرطبي:”من الإسراف الأكل بعد الشبع، وكلُّ ذلك محظور. وقال لقمان لابنه: يا بني لا تأكل شبعًا فوق شبع، فإنك أن تنبذه للكلب خير من أن تأكله.” وعن المِقدام بن معدِي كَرِب – رضي الله عنه – أنَّ النبيَّ – صلى الله عليه وسلم – قال: “ما مَلأ آدميٌّ وِعاءً شرًّا مِن بطنه، بحسْبِ ابن آدم أُكُلاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَه، فإن كان لا محالة، فثُلُثٌ لطعامه، وثُلُثٌ لِشَرَابه، وثُلُثٌ لِنَفَسِه” (الترمذي )؛ وعَنْ نَافِعٍ قَالَ :
كَانَ ابْنُ عُمَرَ لاَ يَأْكُلُ حَتَّى يُؤْتَى بِمِسْكِينٍ يَأْكُلُ مَعَهُ ، فَأَدْخَلْتُ رَجُلًا يَأْكُلُ مَعَهُ ، فَأَكَلَ كَثِيرًا ، فَقَالَ : يَا نَافِعُ ! لاَ تُدْخِلْ هَذَا عَلَيَّ ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ” الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ ” ( البخاري ومسلم ) ، يقول النووي في شرح هذا الحديث:” قال العلماء :
ومقصود الحديث التقليل من الدنيا ، والحث على الزهد فيها والقناعة ، مع أن قلة الأكل من محاسن أخلاق الرجل ، وكثرة الأكل بضده ، وأما قول ابن عمر فى المسكين الذى أكل عنده كثيرا : ” لا يدخلن هذا علي ” ، فإنما قال هذا لأنه أشبه الكفار ، ومن أشبه الكفار كرهت مخالطته لغير حاجة أو ضرورة ؛ ولأن القدر الذى يأكله هذا يمكن أن يسد به خلة جماعة ” انتهى .
ثم إن الإنسان إذا أكثر من الطعام، لم يستطع له هضمًا:
حيث يصاب بالتخمة وعُسر الهضم، وقد يحدث أن تصاب المعدة فيفقد المرء شهيته للأكل، وقد يصاب نتيجة لذلك بالإسهال أو الإمساك، كما أن الإسراف في الطعام يؤدي إلى البدانة، ومن ثم يتعرض الإنسان لأمراض القلب وارتفاع الضغط وأمراض الكُلَى والسكر.
لذلك قال بعض السّلف: جمع الله الطّبّ كلّه في نصف آية {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا}
وقد قالت العرب قديما : المعدة بيت الداء ، والحمية رأس الدواء ، واعلم أن جسد الإنسان يستفيد بجرامات معدودة فقط مما يأكل ومما يشرب ويتخلص من الباقي!!
العنصر الثالث: وجوب شكر نعمة الصحة
لقد أنعم الله علينا بنعم كثيرة لا تعد ولا تحصى ومنها : نعمة الصحة والمعافاة، قال تعالى: { وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ } (إبراهيم: 34)، وقال سبحانه: { وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ } (النحل: 18).
وهنا وقفة لطيفة، فتجد أن الله ختم الآيتين بخاتمتين مختلفتين؛ ففي سورة إبراهيم ختمت بقوله تعالى: {إن الإنسان لظلوم كفار}، وأما في سورة النحل فختمت بقوله تعالى: {إن الله لغفور رحيم} فما تعليل ذلك؟
ولتلمس العلة في ذلك- والله أعلم- أنقل ما ذكره الطاهر بن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير حيث يقول: «وقد خولف بين ختام هذه الآية (آية النحل)، وختام آية سورة إبراهيم؛ إذ وقع هنالك {وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار} لأن تلك جاءت في سياق وعيد وتهديد عقب قوله تعالى:
{ ألم تر إلى الذين بدلوا نعمت الله كفرًا} فكان المناسب لها تسجيل ظلمهم وكفرهم بنعمة الله. وأما هذه الآية فقد جاءت خطابًا للفريقين، كما كانت النعم المعدودة عليهم منتفعًا بها كلاهما. ثم كان من اللطائف أن قوبل الوصفان اللذان في آية سورة إبراهيم {لظلوم كفار} بوصفين هنا {لغفور رحيم} إشارة إلى أن تلك النعم كانت سبباً لظلم الإنسان وكفره، وهي سبب لغفران الله ورحمته. والأمر في ذلك منوط بعمل الإنسان».
وأقف وقفة عند قول الإمام ابن عاشور :
” والأمر في ذلك منوط بعمل الإنسان” فأقول: الصحة والجوارح من أجل نعم الله عليك؛ فإذا استخدمتها في طاعة وحافظت عليها فقد شكرت النعمة وأديت حقها؛ فبذلك تنال الرحمة والمغفرة {إن الله لغفور رحيم}!!
أما إذا استخدمت صحتك وجوارحك كلها في معصية الله؛ فقد ظلمت نفسك وكفرت بالنعمة ولم تؤد حقها فبذلك دخلت في دائرة الظلم والكفران { إن الإنسان لظلوم كفار}!! فالأمر في ذلك منوط بعمل الإنسان!! وقس على ذلك بقية النعم من المال والتكنولوجيات الحديثة من النت والدش والفيس بوك والمحمول والبلوتوث وغير ذلك.
عباد الله: إن شكر النعم لا يكون باللسان وإنما بالعمل؛ قال الله تعالى:{اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ }(سبأ: 13)؛ فالله أمر آل داوود بالعمل شكراً، لأن هناك فرقاً بين شكر القول وشكر العمل، فشكر القول باللسان يسمي حمداً وبالعمل يسمي شكراً ، لذلك قال: اعملوا ، ولم يقل: قولوا شكراً، لأن الشاكرين بالعمل قلة، لذلك زيل الآية بقوله: { وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} .
وقد مر سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذات يوم برجل في السوق فإذا بالرجل يدعو ويقول:
“اللهم اجعلني من عبادك القليل .. اللهم اجعلني من عبادك القليل.” فقال له سيدنا عمر: من أين أتيت بهذا الدعاء؟ فقال هذا الرجل: إن الله يقول في كتابه العزيز:{ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ }، وقال:{ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ}( ص : 24 )، فأسأل الله أن يجعلني من هؤلاء القليل، فبكى سيدنا عمر وقال: كل الناس أفقه منك يا عمر!!
فشكر النعمة استخدامها فيما خلقت له؛ فإذا أكرمك الله بمالٍ فلا تنفقه في حرام ، وإذا أنعم الله عليك بتلفازٍ فلا تستعمله في حرام، وشبكة الانترنت تستخدمها في الدعوة إلى الله، …..إلخ، لأن شكر هذه النعم استخدامها في طاعة الله، وكفرها استخدامها في الفساد والإفساد ، وقد وعدنا الله بالمزيد إن شكرنا، وبالعذاب إن قصرنا حيث قال: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} (إبراهيم: 7) .
إذاً فالصحة والجوارح نعمة من الله عليك يجب عليك شكرها؛ ولا يتحقق ذلك إلا إذا استخدمتها في طاعة الله عز وجل!!
أيها المسلمون: إن كثيرا منا اليوم قد غبن في صحته وفراغه؛ كما يغبن المشتري في سلعته؛ فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ؛ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ.” (البخاري)؛ “قال ابن بطال : معنى الحديث: أن المرء لا يكون فارغا حتى يكون مكفيا صحيح البدن؛ فمن حصل له ذلك فليحرص على أن لا يغبن بأن يترك شكر الله على ما أنعم به عليه ، ومن شكره امتثال أوامره واجتناب نواهيه، فمن فرط في ذلك فهو المغبون. وأشار بقوله:
” كثير من الناس ” إلى أن الذي يوفق لذلك قليل . وقال ابن الجوزي : قد يكون الإنسان صحيحا ولا يكون متفرغا لشغله بالمعاش، وقد يكون مستغنيا ولا يكون صحيحا، فإذا اجتمعا فغلب عليه الكسل عن الطاعة فهو المغبون، وتمام ذلك أن الدنيا مزرعة الآخرة ، وفيها التجارة التي يظهر ربحها في الآخرة، فمن استعمل فراغه وصحته في طاعة الله فهو المغبوط، ومن استعملهما في معصية الله فهو المغبون، لأن الفراغ يعقبه الشغل والصحة يعقبها السقم.”(فتح الباري)
عباد الله: كثيرا نسمع : الصحة تاج على رءوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى!! وهذا يدل على أن الإنسان منغمس في النعم ولا يعرف قدرها إلا عند فقدها !!
تخيل لو فقد بصرك أو سمعك أو نطقك ….أو خلافه!! وقتها تعرف قدر النعمة!! تخيل لو الماء حبس فيك ماذا تصنع!!
ومما يؤكد أنه الصحة أغلى وأنفس من الملك هذه القصة الرائعة: فقد روي أن ابن السماك دخل على هارون الرشيد الخليفة العباسي يوما؛ فاستسقى الخليفة فأُتى بكأس بها؛ فلما أخذها قال ابن السماك : على رسلك يا أمير المؤمنين! لو منعت هذه الشربة بكم كنت تشتريها؟! قال: بنصف ملكي. قال: اشرب هنأك الله تعالى يا أمير المؤمنين. فلما شربها قال: أسألك بالله لو منعت خروجها من بدنك بماذا كنت تشترى خروجها؟! قال: بجميع ملكي. قال ابن السماك : لا خير في ملك لا يساوي شربة ماء. فبكى هارون الرشيد …
يا الله ملك يمتد من الصين شرقاً إلى المحيط الأطلسي غرباً لا يساوي شربة ماء ..فكم من نعم أنعم الله بها علينا ونحن لا نؤدي شكرها!!!
إذاً كل إنسان معافى في بدنه فكأنه ملك الدنيا كلها!! قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ؛ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ؛ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ؛ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا.” (الترمذي وابن ماجة )
عباد الله: لقد حثنا صلى الله عليه وسلم على أن نخرج كل يوم (360 ) صدقة عن عدد أعضاء ومفاصل الجسم شكراً لله أن أصبحت الأعضاء سليمة صحيحة !! فعَنْ أَبِي ذَرٍّ: عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ؛ فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ؛ وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ؛ وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ؛ وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ؛ وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ؛ وَنَهْيٌ عَنْ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ؛ وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنْ الضُّحَى.” (مسلم)؛ وعن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ فَرُّوخَ أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ تَقُولُ:
إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” إِنَّهُ خُلِقَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَنِي آدَمَ عَلَى سِتِّينَ وَثَلَاثِ مِائَةِ مَفْصِلٍ؛ فَمَنْ كَبَّرَ اللَّهَ وَحَمِدَ اللَّهَ وَهَلَّلَ اللَّهَ وَسَبَّحَ اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ وَعَزَلَ حَجَرًا عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ شَوْكَةً أَوْ عَظْمًا عَنْ طَرِيقِ النَّاس؛ِ وَأَمَرَ بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهَى عَنْ مُنْكَرٍ؛ عَدَدَ تِلْكَ السِّتِّينَ وَالثَّلَاثِ مِائَةِ السُّلَامَى؛ فَإِنَّهُ يَمْشِي يَوْمَئِذٍ وَقَدْ زَحْزَحَ نَفْسَهُ عَنْ النَّارِ.”(مسلم) .
ألا فلنحمد الله تعالى على نعمة الصحة والمعافاة لنا ولأولادنا:
وأنه مهما ابتلينا به من الأمراض فلا يمنعنا عن الحمد الشكر والثناء على الله عز وجل؛ وأختم بهذه القصة الجميلة: يحكى أن رجلا ابتلاه الله بالعمى وقطع اليدين والرجلين، فدخل عليه أحد الناس فوجده يشكر الله على نعمه، ويقول: الحمد الله الذي عافاني مما ابتلى به غيري، وفضَّلني على كثير ممن خلق تفضيلا . فتعجب الرجل من قول هذا الأعمى مقطوع اليدين والرجلين!! وسأله: على أي شيء تحمد الله وتشكره؟!! فقال له: يا هذا، أَشْكُرُ الله أن وهبني لسانًا ذاكرًا، وقلبًا خاشعًا وبدنًا على البلاء صابرًا!!
فاشكروا الله على نعمه يزدكم؛ واسألوه العفو والعافية اقتداء به صلى الله عليه وسلم: فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ رَجُلٌ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَيُّ الدُّعَاءِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : ” سَلْ رَبَّكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ . ثُمَّ أَتَاهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَيُّ الدُّعَاءِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : سَلْ رَبَّكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ . ثُمَّ أَتَاهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَقَالَ : يَا نَبِيَّ اللهِ ، أَيُّ الدُّعَاءِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : سَلْ رَبَّكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، فَإِذَا أُعْطِيتَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، فَقَدْ أَفْلَحْتَ.” ( ابن ماجة ) .
أيها المسلمون:
علينا أن نقلع عن المعاصي والذنوب والفواحش ليرفع الله عنا ما نحن فيه من بلاء وأسقام ؛ لأنه كلما اقترفنا الفواحش كلما انتشرت الأمراض والأوبئة التي لم تكن في أسلافنا ؛ وصدق الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم حيث يقول: ” لَمْ تَظْهَرْ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا ؛ إِلَّا فَشَا فِيهِمْ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمْ الَّذِينَ مَضَوْا “. ( البيهقي والحاكم وصححه ).
كما نكثر من الدعاء والذكر والاستغفار ليرفع عنا الله ما نحن فيه ؛ فقد كان -صلى الله عليه وسلم- يكثر من الاستعاذة بالله « مِنْ الْبَرَصِ، وَالْجُنُونِ، وَالْجُذَامِ، وَمِنْ سَيِّئْ الْأَسْقَامِ» . ( رواه أبو داود ) . وعن عثمانَ بنِ عفَّانَ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: « مَنْ قالَ بِسْمِ اللَّهِ الذي لا يَـضُرُّ مع اسْمِهِ شَيءٌ في الأرضِ ولا في السَّماءِ وهُوَ السَّميعُ العَليمُ ثلاثَ مَرَّاتٍ ؛ لمْ تُصِبْـهُ فَجْأَةُ بلاءٍ حَتَّى يُصْبِحَ، ومَنْ قالها حِينَ يُصْبِحُ ثلاثَ مَرَّاتٍ لَمْ تُصِبـهُ فَجْأَةُ بلاءٍ حَتَّى يُمْسِيَ ». [رواه أبو داود ].
فعليكم أن تحافظوا على أوامر الله ورسوله ؛ وتقلعوا عن المعاصي والموبقات ؛ وتكثروا من الدعاء والتضرع إلى الله ليرفع عنا الغلاء والوباء والأسقام والأمراض .
اللهم ارفع عنا البلاء والوباء والزلازل والمحن ؛ وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن ؛ وعن سائر بلاد المسلمين يا رب العالمين ؛؛؛
الدعاء…….. وأقم الصلاة،،،، كتب خطبة الجمعة : خادم الدعوة الإسلامية
د / خالد بدير بدوي
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف